Seiten

Dienstag, 14. September 2010

صبرا و شاتيلا/1/:رائحة الموت ما زالت ترافقني

صبرا و شاتيلا/1/:رائحة الموت ما زالت ترافقني

من سامر عبدالله‏ في 14 سبتمبر، 2010‏، الساعة 10:48 مساءً‏‏
كان اليوم هو السادس عشر من سبتمبر....ما زلت أذكره جيدا...كنت قد خرجت من مخيم شاتيلا ليلا باتجاه الفاكهاني بعد استدعاء الرفاق لي...كان الاسرائيليون قد احاطوا ببيروت ونخروا شوارعها كالسوس وبدأوا حملات اعتقال وتفتيش بمعونة المقنعين...خرجت حتى لا أعتقل بعد أن وشى صاحب البيت عني للحاجز الاسرائيلي/الكتائبي ،والواقع على مدخل المخيم مزودا اياهم بهوية عسكرية تحمل صورتي وكان قد استولى عليها مع كل ما احتواه المنزل من امتعة بعد أن غير قفل الباب مستقويا بالاحتلال المجنزر.
خرجت في الصباح الباكر من منزل جدتي الواقع في الزاروب نفسه...ودعتها هي وجدي على امل لقائهم ليلا...لم يكن يدور بخلد اكثر المتشائمين منا أن الاحتلال سينكث بوعوده لفيليب حبيب والتي على اساسها غادر المقاتلون بيروت...وبقينا نحن/بضعة افراد مدنيين مع العجائز والنسوة والاطفال لانجاز الخدمات الاجتماعية والاغاثية لما تبقى من سكان المخيمات شبه المدمرة...
كنا في الايام السابقة متعبين من كثرة ما تنقلنا بين شاتيلا وصبرا والداعوق وبرج البراجنة ومار الياس واماكن المهجرين في الحمراء والروشه والاسواق...سالكين طرقا التفافية حتى لا يمسكنا جنود الاحتلال المتمترسين وراء حواجزهم أو المزودين بقوائم وعناوين يتم مداهمتها بصحبة المقنعين...
خرجت يومها الى شقة صغيرة مجاورة للمخيم لكن رائحة الموت كانت تحوم حول المخيم وفي الازقة...كان الكثير يتوقع اعتقالات وحمل من يقع في ايديهم باتجاه معسكر انصار...لكننا لم نتوقع أن تمتد يد القتلة بسكين باردة لقتل الاطفال والعجز والمدنيين...
منذ الصباح الباكر احاطوا بالمخيم من كل حدب...كل من كان يخرج كان يعتقل وينقل باتجاه المدينة الرياضية على اطراف المخيم...كانت حواجزهم لا تسمح حتى لنملة ان تمر....عندئذ فهنا ان امرا كبيرا يجرى التحضير له...لكن السيف كان قد سبق العدل ولم يعد بالامكان فعل شيء...لم يكن في المخيم سلاح الا بضعة مسدسات ...كله قد تم اخراجه تحضيرا لمرحلة الاحتلال القادمة..حتى الشباب غادر معظمهم خاصة من كان له علاقة بالمقاومة وتاهوا في حواري بيروت...
ما ان هل المساء حتى فلت القتلة من عقالهم دون رقيب او حسيب36ساعة اتموا فيه مجزرتهم ...الحارات الاولى لم يتركوا فيها حيا حتى الرضع لم ينجوا من الجزارين والقتلة...مثل بالعديد من الجثث واغتصبت العديدات من الفتيات...اما الشباب فقد رحلوا حيث اعدموا بدم بارد او دفنوا احياء في حفرة ضخمة كانت البلدوزرات قد حفرتها على عجل....في الحارات الخلفية المطلة على مستديرة المطار تم الشيء نفسه...قتل بدم بارد....
لم ندرك حجم ما تم الا صباحابعد ثلاثة ايام حينما انسحبوا فجأة وحضرت اول صحافية وهي مذهولة لتخبرنا انه لم يبق احياء في صبرا وشاتيلا ...الجثث تملأ الحارات والزواريب والبيوت...الجميع ما بين قتيل او مفقود او مثخن بالالام من جراحه....كفر قاسم القرن العشرين...ابادة جماعية لمدنيين لا ذنب لهم الا انهم فلسطينيون او فقراء لبنانيون لم يكن لدى القتلة وقت لفرز الضحايا ....اعتبروا الجميع لاجئين يجب ترحيلهم الى الرب والخلاص منهم...
حين دخلنا المخيم الساعة الثامنة من حارات فرعية كان المنظر مرعبا...لقد تجول عزرائيل بين العزل بوحشية وسادية...جثث يغطيها الذباب وسط برك من الدماء...جثث نهشتها كلاب مسعورة اطلق لها العنان...نساء حوامل بقرت بطونهن ورمي بالاجنة بالقرب منهن....اطفال قتلوا بدم بارد في الازقة...منهم من قتل بجانب امه او اخته ومنهم من قتل بعد ان عري بالكامل....نساء عذبن واغتصبن قبل اطلاق رصاصات الرحمة عليهن....
من دخل منا المخيم انهار في اللحظات الاولى وبكى العمر كله فيما بعد ...لماذا لم نبق معهم لندفع القتلة عنهم....لماذا بقينا على قيد الحياة بعد ان ابادوا المخيمين ....
منذ ذالك اليوم لم تغب عن انفي رائحة الموت والدم في صبرا وشاتيلا...للموت رائحة لا يعرفها الا من كان في ميدان القتل والابادة ذاك المسمى خطأ صبرا وشاتيلا....
لم يصدق أحد أن القتلة قد احتسوا الانخاب فوق جثث الضحايا....عام جديد والضحايا يئنون والقتلة ما زالوا طليقون دون حساب ...عام جديد ولم يسامحني جدي أو جدتي لتركهما تلك الليلة يواجهان عزرائيل وحدهما ...ورغم نجاتهما من المذبحة الا انهما لم يسامحاني حتى مماتهما وربما حتى الان.....

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen