المثقف الفلسطيني ما بين التهميش والالغاء والنواح من غياب المؤسسات
لا بد من الاعتراف ان مسألة علاقة المثقف بالسلطة علاقة شائكة،ومدي تقبل السلطة لمعارضة المثقف ودوره السياسي اكثر تعقيدا خاصة في الدول العربية.قبل كل شيء لا يمكن اختزال هذه العلاقة بعمل المثقف في مؤسسات اي سلطة ومطالبته بالتوقف عن العمل في هذه المؤسسات باعتبارها رجس من عمل الشيطان والا سنكون قد اصبنا بامراض اليسارية الطفولية او العمي الفكري.كما ان تحديد مفهوم المثقف ليس مسألة محددة بدقة ويمكن تصنيف هؤلاء بالفرازة ما بين مثقف عضوي وغير عضوي او مثقف ومتعلم،ففي العقد الماضي طرح غرامشي مفهومه للمثقف العضوي كما طرحت الاحزاب الشيوعية والماركسية مفهومها الخاص للمثقف وحددت دوره سلفا كخادم لسلطة تحالف العمال والفلاحين،بينما اتسع مفهوم المثقف ودوره في الاحزاب الليبرالية والدول الغربية ليشمل المتعلمين والذين يساهمون في تحديد سياسات السلطات الحاكمة ورسمها في اكثر من اتجاه.ويمكن رصد الدور المتغير باستمرار للمثقف واي دور يمكن ان يخدم مجتمعه فيه على خير وجه، في مجابهة وسائل الإعلام وفي مواجهة جماعات تسعى إلى المنفعة الذاتية وتحظى بالحماية على حساب المصالح الأكثر أهمية للمجتمع ككل.ولعل المفهوم الذي بات شبه متفق عليه ان المثقف هو صاحب المعرفة الذي يستعملها لإحداث التغيير نحو الأفضل، ما عدا ذلك فلا يمكننا أن نطلق عليه مثقفا وإنما يكون متعلم لديه معلومات ومعرفة لكنه لا يترجمها إيجابيا على أرض الواقع . وبناء عليه فإن عدد المثقفين في الوطن العربي قليل جدا، فقلة تستعمل الثقافة من أجل الدفع باتجاه التغيير نحو الأفضل، أما المتعلم الذي يصف القائم ويحابي السلطة سواء أكانت سياسية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية فهو فقط يساهم في تثبيت التخلف. المثقف يتمتع بحساسية تجاه الأوضاع القائمة وبالتالي لديه غيرة وقوة دفع نحو التغيير الإيجابي بقدر اجتهاده وهو يتألم لآلام الناس ويستشعر نقاط ضعف الأمة ويعمل باستمرار على تصحيح الوضع.
اما اذا حاولنا النظر الي علاقة السلطة بالمثقف فسنري ان هذه السلطات ومن يقف الي جانبها حددت معايرها للمثقف فهي لا تر في اي انتقاد لها او دعوة من أجل التغيير والقضاء على الظلم ومصادر الإذلال الا عبارة عن تمرد وعصيان عليها. وهو ما نراه اليوم جليا في الحملة التي تشنها الأنظمة العربية على الواقفين في وجهها دفاعا عن حرية الناس وحقوقهم والذين تصفهم بالغوغائيين أو الفوضويين الذين يسعون لتحقيق مآرب خاصة.وانطلاقا من هذا فهي تمارس سياسة الجزرة والعصا معهم،الجزرة لمن يستكين والعصا لمن عصا .و في الساحة العربية القمع على قدم وساق، حتى الأحزاب المسماة تقدمية تساهم في عملية القمع،لدرجة ان الانسان لا يجد في احيان كثيره فرقا بين تعامل السلطة مع المثقف وتعامل الاحزاب الدينية والاحزب العلمانية ، فجميها عبارة عن نتاج ثقافة واحدة هي ثقافة عربية تتميز بالعقلية القبلية التعصبية والانتهازية . والمشكلة في الساحة العربية أن كل حزب أو جهة تعتبر بأنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وبالتالي ترى سحق أصحاب الآراء الأخرى المعارضة لها لأنها ترى بأنهم ضالون.
وحينما ننظر الي الساحة الثقافية الفلسطينية،فلا بد ان نحدد اولا ان الجسم الثقافي الفلسطيني لا يعيش ضمن ظروف واحدة وبالتالي يسهل تطبيق المسطره والقلم والنظريات الجاهزة عليه،فهو موزع ما بين 3 مسميات للوطن( مناطق ال48،الضفة،غزة) وما بين سلطات ودول عربية تختلف انماط الحكم فيها ونظرة كل منها لدور المثقف في دول اللجوء،وما بين المنافي البعيدة والتي لا يدفع فيها المثقف ثمنا باهضا لمعارضته السلطات الحاكمة فيها. ومن هنا صعوبة اجمال الجميع في سلة واحدة،رغم اشتراك السلطات الحاكمة في جميع هذه الاماكن في نظرتها لدوره التبعي لها.
ومع تأسيس السلطة في الضفة وغزة وعودة العديد من المثقفين الي الوطن ،كان لا بد ان ينخرطوا في العمل المؤسساتي خاصة ان معظمهم متفرغ في جسم م.ت.ف السلطة الحاكمة الجديدة . وهو امر طبيعي،فهم بحاجة لعمل ومصدر رزق للعيش،الا ان المشكلة التي برزت في خضم السلطة الوليدة هي غياب او تراجع المشروع الوطني وبالتالي الثقافي وفتح الباب امام المشاريع الاخري المتعددة سواء الشخصية او الظلامية التي لا تعترف اصلا باي دور للمثقف خارج اطار الطاعة العمياء. وحتي لا نتجني علي احد فقد تعاقب علي وزارات الثقافة في السلطة وزراء كثر منهم من كان مثقفا واحتل مسوليات مرموقة في الجسم الثقافي الفلسطيني في الخارج او الوطن ومنهم من كان متعلما ويحمل شهادات جامعية عليا،الا انهم جميعا لم يقدموا برنامجا يستدل منه علي فهمهم لدور المثقف الفلسطيني وعلاقته بالسلطة الموجودة،واقتصر عمل بعضهم علي تسيير الامور او نسف ما هو موجود وتوظيف الاصدقاء لخلق تجمعا مواليا له علي الساحة الثقافية الفلسطينية. ومع تدفق الاموال من العديد من الجهات الخارجية لتاسيس مجتمع مدني واستفادة اوساط عدة في السلطة منها ، كان متوقعا ان يحاول بعض المثقفين الاستفاد من نهر الاموال المتدفق واقتسام حصة من الكعكة، او ان يعلو صراخ اخرون نهش الجوع والفقر بطونهم وباتوا هم وعا ئلاتهم في فقر مدقع بعد ان تركوا في الشتات دون عمل او مصدر رزق مكافأة لهم علي انخراطهم لعقود من الزمن في المشروع الوطني الفلسطيني وم.ت.ف وفصائلها الوطنية.وعلي البعض ممن يعيش في ترف السلطة ان يتحمل قليلا صراخ هؤلا ء المثقفين الذين وجدوا انفسم فجأة في مهب الريح دون كيل الاتهامات لهم. ولعل من المفيد قليلا التوقف امام هجرة العديد من المثقفين جسم السلطة وعودتهم للمنافي والشتات كما حصل مع محمود درويش واحمد دحبور و...وانفضاهم عن مشروع السلطة السياسي والاجتماعي والثقافي بعد تلمسهم لانعدام وجود هذا المشروع اصلا،او اكتفاء البعض في الاعتراض اللفظي علي الاوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والاختباء او التقوقع من جديد. لقد بات مطلوبا التوقف جديا امام تشرذ م الجسم الثقافي الفلسطيني ومحاولات البحث عن وسا ئل تعيد الحياة اليه دون كيل الاتهامات لبعضنا البعض،ولعل الحركة الثقافية الشبابية التي يشهدها الوطن الان تعطي دفعا لنا جميعا للتخلي عن سياسة التواري والهروب من الأدوار والأمانة الملقاة على عاتقنا بتبريرات ننسجها في عقولنا هاربين بها من الميدان او برفع سيف الاتهامات في وجه بعضنا البعض . الجميع مطالب بالاقلاع عن سياسة الإسقاط في مواجهة محاولات الإنجاز وشحذ الهمم. والا سيبقي البعض يصرخ الما من الجوع والبعض الاخر يهرول لنيل حصته من الكعكة...والمشروع الوطني والثقافي يصبح في خبر كان.
اما اذا حاولنا النظر الي علاقة السلطة بالمثقف فسنري ان هذه السلطات ومن يقف الي جانبها حددت معايرها للمثقف فهي لا تر في اي انتقاد لها او دعوة من أجل التغيير والقضاء على الظلم ومصادر الإذلال الا عبارة عن تمرد وعصيان عليها. وهو ما نراه اليوم جليا في الحملة التي تشنها الأنظمة العربية على الواقفين في وجهها دفاعا عن حرية الناس وحقوقهم والذين تصفهم بالغوغائيين أو الفوضويين الذين يسعون لتحقيق مآرب خاصة.وانطلاقا من هذا فهي تمارس سياسة الجزرة والعصا معهم،الجزرة لمن يستكين والعصا لمن عصا .و في الساحة العربية القمع على قدم وساق، حتى الأحزاب المسماة تقدمية تساهم في عملية القمع،لدرجة ان الانسان لا يجد في احيان كثيره فرقا بين تعامل السلطة مع المثقف وتعامل الاحزاب الدينية والاحزب العلمانية ، فجميها عبارة عن نتاج ثقافة واحدة هي ثقافة عربية تتميز بالعقلية القبلية التعصبية والانتهازية . والمشكلة في الساحة العربية أن كل حزب أو جهة تعتبر بأنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وبالتالي ترى سحق أصحاب الآراء الأخرى المعارضة لها لأنها ترى بأنهم ضالون.
وحينما ننظر الي الساحة الثقافية الفلسطينية،فلا بد ان نحدد اولا ان الجسم الثقافي الفلسطيني لا يعيش ضمن ظروف واحدة وبالتالي يسهل تطبيق المسطره والقلم والنظريات الجاهزة عليه،فهو موزع ما بين 3 مسميات للوطن( مناطق ال48،الضفة،غزة) وما بين سلطات ودول عربية تختلف انماط الحكم فيها ونظرة كل منها لدور المثقف في دول اللجوء،وما بين المنافي البعيدة والتي لا يدفع فيها المثقف ثمنا باهضا لمعارضته السلطات الحاكمة فيها. ومن هنا صعوبة اجمال الجميع في سلة واحدة،رغم اشتراك السلطات الحاكمة في جميع هذه الاماكن في نظرتها لدوره التبعي لها.
ومع تأسيس السلطة في الضفة وغزة وعودة العديد من المثقفين الي الوطن ،كان لا بد ان ينخرطوا في العمل المؤسساتي خاصة ان معظمهم متفرغ في جسم م.ت.ف السلطة الحاكمة الجديدة . وهو امر طبيعي،فهم بحاجة لعمل ومصدر رزق للعيش،الا ان المشكلة التي برزت في خضم السلطة الوليدة هي غياب او تراجع المشروع الوطني وبالتالي الثقافي وفتح الباب امام المشاريع الاخري المتعددة سواء الشخصية او الظلامية التي لا تعترف اصلا باي دور للمثقف خارج اطار الطاعة العمياء. وحتي لا نتجني علي احد فقد تعاقب علي وزارات الثقافة في السلطة وزراء كثر منهم من كان مثقفا واحتل مسوليات مرموقة في الجسم الثقافي الفلسطيني في الخارج او الوطن ومنهم من كان متعلما ويحمل شهادات جامعية عليا،الا انهم جميعا لم يقدموا برنامجا يستدل منه علي فهمهم لدور المثقف الفلسطيني وعلاقته بالسلطة الموجودة،واقتصر عمل بعضهم علي تسيير الامور او نسف ما هو موجود وتوظيف الاصدقاء لخلق تجمعا مواليا له علي الساحة الثقافية الفلسطينية. ومع تدفق الاموال من العديد من الجهات الخارجية لتاسيس مجتمع مدني واستفادة اوساط عدة في السلطة منها ، كان متوقعا ان يحاول بعض المثقفين الاستفاد من نهر الاموال المتدفق واقتسام حصة من الكعكة، او ان يعلو صراخ اخرون نهش الجوع والفقر بطونهم وباتوا هم وعا ئلاتهم في فقر مدقع بعد ان تركوا في الشتات دون عمل او مصدر رزق مكافأة لهم علي انخراطهم لعقود من الزمن في المشروع الوطني الفلسطيني وم.ت.ف وفصائلها الوطنية.وعلي البعض ممن يعيش في ترف السلطة ان يتحمل قليلا صراخ هؤلا ء المثقفين الذين وجدوا انفسم فجأة في مهب الريح دون كيل الاتهامات لهم. ولعل من المفيد قليلا التوقف امام هجرة العديد من المثقفين جسم السلطة وعودتهم للمنافي والشتات كما حصل مع محمود درويش واحمد دحبور و...وانفضاهم عن مشروع السلطة السياسي والاجتماعي والثقافي بعد تلمسهم لانعدام وجود هذا المشروع اصلا،او اكتفاء البعض في الاعتراض اللفظي علي الاوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والاختباء او التقوقع من جديد. لقد بات مطلوبا التوقف جديا امام تشرذ م الجسم الثقافي الفلسطيني ومحاولات البحث عن وسا ئل تعيد الحياة اليه دون كيل الاتهامات لبعضنا البعض،ولعل الحركة الثقافية الشبابية التي يشهدها الوطن الان تعطي دفعا لنا جميعا للتخلي عن سياسة التواري والهروب من الأدوار والأمانة الملقاة على عاتقنا بتبريرات ننسجها في عقولنا هاربين بها من الميدان او برفع سيف الاتهامات في وجه بعضنا البعض . الجميع مطالب بالاقلاع عن سياسة الإسقاط في مواجهة محاولات الإنجاز وشحذ الهمم. والا سيبقي البعض يصرخ الما من الجوع والبعض الاخر يهرول لنيل حصته من الكعكة...والمشروع الوطني والثقافي يصبح في خبر كان.
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen