Seiten

Sonntag, 12. September 2010

رعب /قصة قصيرة

رعب /قصة قصيرة

من سامر عبدالله‏ في 06 يوليو، 2010‏، الساعة 07:03 مساءً‏‏
رعب/قصةقصيرة ما وراء الحداثة/قصة رقمية أطول من برقية


رعب


استيقظت اليوم من النوم فوجدت نفسي ميتا.

نظرت حولي فوجدت ام اربعة واربعين تبحلق في وجهي وتبربر كعادتها.تحدثت مع جثتي ساعة كاملة ولم تنتبه الى موتي.فلقد تعودت على التحدث لساعات معي دون ان ارد بكلمة كأنت تردد بين الكلمة والاخرى هل مت حتى لا ترد علي؟،لهذا لم تكتشف موتي هذه المرة.بعد ان نشف ريقي من حديثها الذي أسقمني الحياة طيلة عشرين عاما ادركت نعمة الله علي حينما استيقظت فوجدت نفسي ميتا.

احسست بالضجر من نكدها الذي لم ينته بموتي،فهي كعادتها بدأت في اعلاء نبرة صوتها والصراخ حتى اصابني الصمم ومن المؤكد انها تعمدت ذلك حتى لا انتبه للملاكين حين قدومهما الي ومعهما صحيفة أعمالي،وبذلك ينالني العقاب الالهي الشديد.اعرف انا لؤمها،اسألوني عنها.وما ان انهت صراخها ووصلة النكد اليومية المستمرة منذ عقدين من الزمن حتى نهضت مبتسمة ومقبلة على الحياة.أما انا فقد بت أدعو الله كي يأتي الحانوتي سريعا ويخلصني من نق أم اربعة وأربعين.

أخيرا انتبهت أم أربع وأربعون الى جمود جثتي وبرودتها وعدم تنفسي.توقعت أن تشهق وتلطم وتشق ملابسها حزنا على رحيلي المفاجىء،انتظرت العويل والصراخ وبدء دوامة من الصداع علي أن احتملها للمرة الأخيرة.طال انتظاري ولكن كل ما كان حولي تميز بالصمت المطبق،التفت ناحيتها لأرى ردة فعلها،ارتعبت مما شاهدت كانت مبتسمة وتغني بصوت خافت أغنية لمطرب يسمى ملحم بركات تبتدء ب:"حلي عني....".كانت تنظر تجاه جثتي وتقول:"أخيرا فرجت وكنت أظن أنها لا تفرج" وأقسمت انها ستكسر جرة فخار ما أن يخرجون جثماني من المنزل حتى لا تراود روحي أية نوازع بالعودة اليها.
نهضت الى الباب واصطنعت الحزن ونادت بصوت عال ،لكن به رنة فرح مكتومة:"يا بنات ابوكم فطس ومات".اركضوا على الجامع وبلغوا الشيخ من أجل احضار الحانوتي وتكفينه ونقله لأخر مكان ينام فيه.

ما أن سمع الحانوتي بالنبأ حتى هرول لتلقيط رزقه.تنحنح على باب الغرفة ونظر الي بطرف عينه وخاطب أم اربعة وأربعين:"أين سأحممه وأكفنه،هنا في الغرفة؟"هنا رأيت الرعب على وجهها،صرخت :"أتريد أن تبقى رائحته وروحه في الغرفة للأبد؟ابحث لك عن مكان أخر."لم يكن ثمة مكان اخر في الشقة ،نظر اليها الحانوتي حائرا فوجدها تومىء اليه باتجاه الزقاق.جزع وسألها :"أنكفنه في الشارع وهو عار ،خافي ربك يا امرأة".ابتسمت قائلة :"بعد ما مات دهنوا طيزه بالعسل.ياأخي مهو شبع موت ومش فارقه معه"،ثم ما لبثت أن استدارت واختفت.كانت تلك اخر مرة يشاهدها فيها.لكنه سمع صوتها يجلجل:"حينما تنهي اجراءات التكفين لا تنسى أن تمر علي لأعطيك شنطة حاجياته،فهو لن يحتاجها بعد الان وكذلك نحن بحاجة لنتخلص من نفاياته اليوم قبل الغد.

لقد أعجبته فكرة أن يتفرج على موته وأن يراقب ردود الفعل على ذلك.حمله الحانوتي ثم مدده على طاولة في الشارع أمام البناية عاريا.مرت من امامه الجارة الحيزبون التي كانت تطارده للايقاع به،أدارت رأسها مشمئزة من منظره العاري ثم بصقت على الأرض.لحظات وكان جاره الكهل المتصابي يمر،وما أن لمحه حتي قال:"يا فتاح يا عليم على الصبح،ميت وعاري أمام الخلق،هذا الذي كان ينقصنا في هذا الصباح المزفت،لقد نزعت صباحنا في موتك كما كنت تنزعه في حياتك،روح الله لا يرحمك وعلى جهنم عدل ياخدك".
الحانوتي لم يكترث بكل هذه التعليقات وشمر يديه ثم بسمل وبدأ بدهن جسدي بالزيوت التي أحضرها معه.لم تعجبني رائحة هذه الزيوت،لقد استغل ابن الكلب استفراده بجثتي وبدأ باستخدام اسوء أنواع الزيوت لتكفيني.
ثم اخرج كومة قطن نتفها الى قطع حشى اولها في فتحتي أنفي ثم أذني ولم ينس أن يغمض عيناي حتى لا أراقب غشه ابن اللئيمة هذا.ولم أحس الا بقلبه اياي على بطني ودحشه لكبتولة ضخمة من القطن في دبري.لقد أوجعني ذاك الحقير عمدا وكأنه كان يعاقبني لا يكفنني.

ثم اخرج من صندوقه النتن قماشا كالح اللون،لم يكن ابيضا كعادة الكفن ، تلفت حوله وحينما تأكد من خلو الشارع من البشر،فموتي لم يجذب انتباه أحد من الجيران،حينئذ لف جثتي بهذا القماش المستخدم سابقا في تكفين اكثر من مقطوع مثلي، وما أن أنهى عمله حتى فتح تابوتا خشبيا مصنوعا من الاخشاب المهترئة والتي كانت بالاصل صناديقا لنقل الخضار،والقاني في داخل التابوت واقفله علي.لم أعد أتبين شيئا لكني سمعته يتحدث مع ام اربع واربعين متسائلا عن سيارة دفن الموتى وموعد الجنازة ومتى يحضر المشيعون؟"سمعتها تجيبه:"لن يحضر أحد لهذا الأمر، عليك اتمام كل شيىء لوحدك ،جد له مكانا صالحا للدفن واتمم كل شيء،وسأجزل لك الأجرة."
مط الحانوتي شفتيه مستغربا ،ثم نهض مهرولا للساحة لاحضار وسيلة نقل ،لحظات عاد قاطرا حمارا يجر ورائه عربة خشبية لنقل الخضار والاغراض.ما أن وصل الى جانب التابوت الذي أتمدد فيه حتى أوقف الحمار ونقلني على ظهر العربة،ولم أسمع الا كلمة هيش...هيش.....والارض تهتز من حولي.حينما توقف الحمار أخيرا كانت كل عظامي تؤلمني من كثر الاهتزاز.فتح الحانوتي غطاء التابوت،طللت منه لأجد نفسي في الصحراء،أمام مغارة مهجورةوبجانب حفرة كبيرة.حملني اللعين ورماني في تلك الحفرة البائسة وأهال التراب علي.لم أعد أرى أو أسمع شيئا كل ما حولي ظلام دامس،حتى رحيل الحمار وصاحبه لم أحس بهما.

حاولت الحركة فلم أقدر،لقد انزلني ابن اللعينة في حفرة ضيقة جدا لا تترك لي مجالا للحركة.الصمت مطبق حولي،لأول مرة أشعر بهدوء افتقدته منذ أعوام طويلة.لكني من المؤكد انني سأشعر بالملل والضجر هنا لوحدي ،لقد القى بي هذا اللئيم في مكان قفر بدلا من المقبرة.هناك كان يمكن أن أجد ونيسا أوأنيسا في القبور المجاورة،أو على الأقل ان لم أجد لي صديقا فسيؤنسني من يمرون بالمقبرة لتلاوة القران على أمواتهم ،أما هنا في هذا القفر لا يوجد الا عويل الذئاب وصرخات ابن اوى وصوت البوم. لقد اشتقت الى سريري المريح فهذه الارض حفرت على عجل ولم يتم تبليطها مما يسبب الألم لعظامي التي تكومت وبدأت تتحجر.لعن الله ذلك الحانوتي الغشاش،لو كنت في المقبرة لفضحته بين الأموات.أشعر بالضجر مع انني لم أمكث في القبر الا بضعة سويعات فقط.أحن الى غرفتي والتلفزيون وكمبيوتري العزيز،ماذا يفعلون الأن في الفيس بوك؟هل انتبهوا لغيابي وموتي؟وتلك الحور العين الفيسبوكية هل ما زلن يتمخطرن على شاطئ البحر ويلقين عليه تحية الصباح ويرتشفن القهوة؟ هل ما زلن يرقبن النوارس حين تحلق عاليا؟لا أظن أنهن انتبهن الي،سيقلبن صفحتي بعد حين وينسين كل ترهاتي،تلك هي سنة الأحياء أما أنا فاني أموت شوقا لهن.من المؤكد أن أم أربع وأربعين تفتش كل ما دونته لهن وتكشف كل أسراري وتلعنني ميتا كما لعنتني حيا.كل هذا بات من الماضي الأن .كانت الدنيا فوقي قد تلبدت بالغيوم وبدأ المطر يهطل كأنه يوم الطوفان.لا يهمني ذلك الأن بعد كنت أخشى البلل في السابق ،أما الأن فما خوف الغريق من البلل ؟خطر بذهني أنه يمكنني النوم قدر ما أريد دون نق وبق من أم أربعة وأربعين ودون خوف من هم الدنيا أو عذاب الأخرة.يالله ما هذا الذي قلته عذاب الأخرة؟انا الأن فيها ،هل سيلحق بي العذاب فورا؟.ارتعبت من ذكر العذاب،واحسست بالأرض قد ابتلت أسفلي وبت لا أعرف هل جاء البلل من المطر أم من الخوف الذي أشعر به؟. حاولت تذكر كلام شيخ المسجد عن عذاب القبر وبدأ جسدي بالارتجاف من الخوف.متى سينقض علي الثعبان الأقرع؟وهل سيقفز علي التسعة وتسعين تنينا والذي يملك كل منها سبعة رؤوس لتنهشني وتلدغني كما قال الشيخ؟أم سأضرب بمطارق من حديد ومرزبة تكفي الضربة منها لاحالة الجبل الى تراب؟أم ستقرض شفتي بمقارض من حديد الى يوم القيامة....لو كنت في المقبرة لسألت من كان قد مات قبلي،أما الأن فعلي معرفة ذلك بنفسي وخوض الرعب بذاتي.من شدة الرعب الذي أصابني تخشب جسدي وبدأت أحس بالبرد....وكلما تقدم الوقت أحسست برائحة كريهة تزداد من حولي،وببعض النخزات التي تقرصني وبكائنات صغيرة بدأت تزحف فوقي وتتغطي جسدي كله. طال انتظاري ولم يأت أحد ولم أجد مهربا من الرعب وطول الانتظار الذي امتد ساعات طويلةالا اغماض عيني والتظاهر في النوم وتجاهل كل القرصات المتزايدة.... ما أن أغمضت عيناي حتى ذهبت في نوم عميق وأحسست أن روحي قد بدأت تغادر جسدي وتتحرر منه.وانتبهت الى أن جسدي قد أصبح في الأسفل كخرقة بالية وأنني نائم أنتظر أن ينفخ في الصور.



Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen